تراجع ملحوظ” في مبيعات الأسلحة بين دول اتفاقات أبراهام وإسرائيل تلك التي أفرجت عنها أرقام سنة 2023 الخاصة بصادرات تل أبيب العسكرية نحو الخارج.
وأظهرت الأرقام وفق صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة والبحرين شكلت نسبة 3 في المائة فقط من صادرات تل أبيب، مقارنة بنسبة فاقت العشرين بالمائة سنة 2022.
ورغم أن صادرات السلاح الإسرائيلية حققت رقم 13 مليار دولار، وهو ” قياسي” كما تصفه الجريدة العبرية سالفة الذكر، إلا أن دولا مثل المملكة المغربية أبانت عن إحجامها عن السلاح الإسرائيلي، وذلك تزامنا مع تأثير دبلوماسي واضح على الشق العسكري بسبب اندلاع الحرب في غزة.
ومع استمرار الصراع بين جيش تل أبيب وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وسط تنديد دولي تتقدمه دول اتفاقات أبراهام بـ “الانتهاكات التي تمسّ المدنيين”، تراجعت بالفعل علاقات المملكة المغربية بإسرائيل، ولم تظهر المشاريع الدبلوماسية التي كان يتم تشييدها منذ “إعادة العلاقات” سنة 2020، على غرار “منتدى النقب، وزيارة نتانياهو إلى الرباط”.
وتبقى الصفقات العسكرية المعلنة بين البلدين حبيسة “أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات ( BARAK-MX)، وطائرات مسيرة”؛ فيما ظهرت صفقات أخرى غير مؤكدة رسميا.
ويتجه المغرب بشكل عام إلى توفير صناعة محلية، إذ أعلن الملك محمد السادس عن إنشاء منطقتين للتسريع الصناعي الدفاعي، ستحمل “الصناعات المتعلقة بمعدات وآليات الدفاع والأمن وأنظمة الأسلحة والذخيرة”.
واعتبر عبد الرحمن مكاوي، خبير أمني، أن “سبب تراجع المبيعات خلال 2023 هو حرب غزة بلا شك، وهي السنة التي اندلع فيها هذا الصراع”.
وأضاف مكاوي أن “حرب غزة جعلت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية غير مستقرة تماما، وتتخبط في صراعات شخصية مع حكومة نتنياهو من جهة، وأيضا تعاني ميدانيا في مواجهة حماس”.
وأوضح الخبير الأمني عينه أن إسرائيل هي حاليا “بحاجة إلى السلاح”، خاصة المحلي، بالنظر إلى طموح نتانياهو إلى “إطالة الحرب”، وهو ما يؤثر بشكل واضح على المخزون الحربي.
وفي وقت تؤكد وزارة الدفاع الإسرائيلية “قوة الصادرات العسكرية” برسم سنة 2023 فإن تقارير عبرية متطابقة أكدت على “ضخامة تكاليف الحرب ضد حماس، التي تؤثر على اقتصاد صناعة السلاح”.
وشدد مكاوي على أن “المغرب استورد السلاح الإسرائيلي منذ عودة التطبيع، فيما المعدات المستوردة حاليا هي في وضع التقييم، بالنظر إلى الحرب في غزة”، موضحا أن “العديد من الأسلحة الإسرائيلية أظهرت فشلها في هذه الحرب، خاصة على المستوى الجوي، وهو ما يفسر تريث المملكة في استيراد المزيد”، وفق تعبيره.
وبعد اندلاع الحرب أفرجت وزارة الأمن الإسرائيلية عن “تكاليف كبيرة لهجوم تل أبيب على حماس، تصل إلى حوالي 350 مليون شيكل يوميا”.
ودفع هذا الأمر وفق تقارير عبرية إلى “توسيع الموازنة العامة لسنة 2024، لتصل إلى ما يفوق 150 مليار دولار”.
هشام معتضد، خبير سياسي وإستراتيجي، قال إن “الأسباب الحقيقية وراء تراجع نسبة واردات الأسلحة الإسرائيلية تكمن في سياق الحرب التي تقودها حكومة تل أبيب على قطاع غزة”.
وأورد معتضد لهسبريس أنه “ليس هناك تغيير في سياسة الرباط المرتبطة باستيراد الأسلحة خارجيا من إسرائيل، لأن هذا التوجه مرتبط بأبعاد سيادية وإستراتيجيات الأمن القومي المغربي، ولا علاقة له بالحسابات السياسية؛ وبالتالي فالمتغيرات القائمة بخصوص تراجع نسبة واردات الأسلحة الإسرائيلية مرتبطة بظرفية جيوسياسية للمناخ الحربي في غزة”، وفق تعبيره.
“تزايد الضغوطات على الحكومة الإسرائيلية على المستوى الدولي بخصوص عدوانها على غزة يدفعها أكثر إلى مراجعة صادراتها من الأسلحة لأنها لا تريد الوقوع في فخ نقص التموين الحربي أو خلل الإنتاج العسكري، وبالتالي فهي تستبق أي تحد لوجيستيكي بخفض صادرات الأسلحة للخارج”، يردف المتحدث عينه.
وأجمل معتضد قائلا: “عادة ما تتضمن اتفاقيات التسليح بنودا خاصة تضمن حقوق المتعاقدين وتشير إلى واجباتهم، وأظن أن من بين هذه الشروط هناك دائما الإشارة إلى الأخذ بعين الإعتبار الظروف الاستثنائية”، مؤكدا أن “براغماتية الرباط العسكرية لا يرجح أن تدفعها إلى مراجعة محور التعاون الحربي مع إسرائيل، خاصة من باب التصنيع الدفاعي، لأن القيادة في المغرب تميز بين المواقف السياسية وتدبير السياسة الخارجية، وما يدخل في بناء أمنها القومي ودفاعها الحربي الذي يرتبط بإستراتيجيات بعيدة الأمد”. عن هيسبريس