يتوجه الناخبون الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع بعد غد الأحد 7 يوليوز 2024 لانتخاب ال 501 من المقاعد المتبقية من نوابهم الـ577 بعد أن حسم السباق على 76 مقعد من مقاعد مجلس النواب الفرنسي ابان الجولة الأولى في انتخابات مبكرة بعدما حل الرئيس ماكرون البرلمان في التاسع من يونيو الماضي اثر صدور نتائج الانتخابات الأوروبية وحصول حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف على أعلى نسبة من الأصوات فيها.
الانتخابات التشريعية الفرنسة لهذا العام تحصل في ظل أجواء من الاحتقان السياسي والاجتماعي تكاد تكون غير مسبوقة في أي انتخابات فرنسية منذ بدء “الجمهورية الخامسة” في عام 1958.
وقبل الخوض نظريا وليس عمليا في موضوع هته الانتخابات التي ليست كسابقاتها في فرنسا لعدة اسباب، لابد أن نستحضر معطيات علمية صادمة، ستؤطر خوضنا في موضوع انتخابات فرنسية استثنائية وغير عادية، فانه لا بد أن اشير الى الارتباط التلقائي والأوتوماتيكي والزواج الكاثوليكي بين ” الدولة العميقة” والديموقراطية في هذا البلد.
لكن قبل كل هذا وذاك لا بد وان اشير بكل أسف إلى ترويج نقاشات من المفروض ان تكون سياسية صرفة الى خطابات اقل ما يمكن ان يقال عنها انها شعبوية وتافهة من جهة وعنصرية من جهة ثانية خلال القليل من الأيام الخالية الى أن تسائل الفرنسيون أنفسهم ومعهم كل المتتبعين للشأن الانتخابي في فرنسا الى اين تتجه فرنسا على عهد رئيسها ماكرون ويمينها ” المتطرف” الى حد الجنون.
استطلاعات الرأي ترشح فوز حزب “التجمع الوطني” – اليمين ” المتطرف” المتحالف مع جناح إريك سيوتي من حزب “الجمهوريين” بنحو 36 في المئة من الأصوات، يليه كتلة “الجبهة الشعبية الجديدة” المكونة من 4 أحزاب يسارية بنحو 29 في المئة من الأصوات، وفي المركز 3 يأتي معسكر ماكرون بنحو 19.5 في المئة من الأصوات.
لكن السؤال الرئيسي والجوهري في انتخابات فرنسا 2024 ، ليس نتائجها التي باتت شبه معروفة ما لم تحصل مفاجآت غير متوقعة، بل ماذا سيقع ان لم تتمكن أي كتلة من الكتل الثلاث المتنافسة من الحصول على الأغلبية المطلوبة (289 مقعد) تخولها تشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان في وقت يصعب على كثير من المحللين تصور أي إمكانية لبناء تحالفات سياسية بعد الانتخابات بالنظر إلى حالة العداء و”الشيطنة” المتبادلة بين الكتل المتنافسة، وبالأخص بين “الجبهة الشعبية” و”التجمع الوطني”، علما أن الراجح أن يكون الرئيس ماكرون قد أعد العدة مسبقا للدخول في “مساكنة” مع “التجمع الوطني” برئاسة غوردن بارديلا (28 عاما) أكثر منه مع تحالف اليسار الذي يرجح البعض أن لا يصمد كثيرا بعد الانتخابات، وهو أمر يستفيد منه معسكر ماكرون باعتبار أن غالبية نواب اليسار سيميلون إليه الشيء الذي يفيد أن هذه الانتخابات لم تجرى فقط في مناخ من التوتر والاستقطاب السياسي الحاد بين احزاب فرنسية جد متصارعة بل أيضا في ظل حالة من عدم اليقين في ما يخص المرحلة المقبلة في “فرنسا الخائفة”، على وزن ما تتداوله النخب السياسة الفرنسة نفسها،( الجد خائفة) من صعود اليمين “المتطرف” ووصوله الى هرم السلطة للمرة الأولى في تاريخ “الجمهورية الفرنسية الخامسة”، ليبقى السؤال المطروح بحدة في الشارع الفرنسي هو، ما سبب حل الرئيس ماكرون للبرلمان الفرنسي في مرحلة تعتبر الأسوأ سياسيا بالنسبة لمعسكره والأفضل بكثير بالنسبة لليمين “المتطرف”
اراك من بعيد…
عبد العزيز ملوك.