أماطت وزيرة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة اللثام عن وضع الوكالات الحضرية، وأقرت بمسؤولياتها في عرقلة الاستثمار من خلال تعقيد المساطر، وتشبثها بالتطبيق الحرفي والمبالغ فيه للقانون، تم ذلك خلال اجتماع لجنة الداخلية، أول أمس الأربعاء.
المنصوري تكلمت بدون لغة الخشب عن المشاكل العويصة التي يعرفها قطاع التعمير بالمغرب، والذي لا يواكب السرعة التي تسير بها القطاعات الأخرى، لأن بعض المسؤولين سامحهم الله يشتغلون بعقلية تقليدية، وبمنطق لا اجتهاد مع وجود النص القانوني، رغم أن القانون يتيح هوامش للاجتهاد والإبداع.
وأردفت قائلة بأن قطاع التعمير بالمغرب يتم تسييره بعدة رؤوس والقرارات فيه ليست فردية «كل واحد يلغي بلغاه»، تجعل من الصعب تحديد المسؤوليات، وحتى في تنزيل بعض القرارات والدوريات الوزارية هناك اختلاف في فهم هذه الدوريات بين الوكالات الحضرية.
وعلى سبيل المثال، القرارات المشتركة الصادرة أخيرا بين وزير الداخلية ووزيرة السكنى والتعمير، المتعلقة بتبسيط مصادر الترخيص بالعالم القروي، وبمنح رخص تسوية البنايات المخالفة للقانون، حيث هناك وكالات حضرية التقطت الإشارة وقامت بتفعيل هذه الدوريات، وهناك وكالات ضربتها بعرض الحائط.
والخطير في الأمر هو تأكيد الوزيرة على أن بعض مديري الوكالات الحضرية أصبحوا يملكون سلطا تفوق سلطة الوزراء، ويرفعون التحدي في وجه الجميع، بل وصلت بهم الوقاحة إلى حد مهاجمة الصحافة التي تنشر فضائحهم، وعلى سبيل المثال، فإن الوكالة الحضرية بمدينة الرباط التي أصبحت بقدرة قادر تغطي كذلك مدينتي سلا وتمارة هذه الأخيرة التي تضم 10 جماعات ومدينتين جديدتين مدينة تامسنا ومدينة الفردوس، تحولت إلى نموذج في عرقلة ملفات الاستثمار والتأخر في دراستها، إلى درجة أن هناك عشرات ملفات الاستثمار محتجزة بمقر الوكالة دون إبداء الرأي بشأنها، الأمر الذي يثير موجة استياء عارم في صفوف المستثمرين، وترفض مديرة الوكالة تفويض الصلاحيات للموظفين من أجل دراسة الملفات وإبداء الرأي فيها، وتطلب إرسال كل الملفات إلى مكتبها للاطلاع عليها.
هذا الكلام يعد سابقة في تدمر واستياء الوزراء من المصالح التابعة لهم ويطرح أسئلة جوهرية من قبيل، من أين يمتد هؤلاء صلاحياتهم؟ ومن هي الجهة المختصة بمراقبتهم وتتبع مهامهم وتأديبهم؟ وهو وضع يمس بتماسك وانسجام هذه الحكومة، يفرض على رئيسها الخروج بتوضيح في هذا الشأن.
هذا وأردفت الوزيرة قائلة، أما مدينة الدار البيضاء فتعرف حالة متفردة بالمغرب، لأن مدير الوكالة الحضرية هو برتبة عامل تابع لوزارة الداخلية، ولا سلطة لوزيرة الإسكان عليه، وربما هذا الوضع المتفرد جعل الوزيرة المنصوري ترد بسخرية على برلمانيين من العاصمة الاقتصادية للمملكة، عندما قالت لهم بأنها ليست لها يد عليها وطلبت منهم مساءلة وزير الداخلية عن وضعية التعمير بهذه المدينة.
هذا التداخل في المهام والصلاحيات هو السبب وراء تأخر إخراج القانون الجديد المتعلق بإصلاح الوكالات الحضرية، الذي أحالته المنصوري على الأمانة العامة للحكومة منذ تاريخ 19 دجنبر 2023، قصد إتمام مسطرة المشاورة بشأنه، في انتظار برمجته في اجتماع المجلس الحكومي من أجل المصادقة عليه، ثم إحالته على أنظار مجلسي البرلمان لدراسته والتصويت عليه. ويرمي هذا المشروع إلى إحداث وكالات جهوية للتعمير والإسكان ستقوم مقام الوكالات الحضرية، لكن وزارة الداخلية تعترض على مجموعة من النقط الواردة في القانون الجديد، الذي لن يرى النور قريبا، وستبقى دار لقمان على حالها.
بقلم: عبد المغيث لمعمري