قد عجزنا عجزا مطلقا في فهم الفساد المستشري وفهم بعض سلوكيات التنصت والتسريبات والتجسس والرشى ولم ندرك ان كل هذه الافعال ليست ظواهر فردية او مؤسسية وانما هي نسقا ذهنيا وثقافيا وتاريخيا ‘ وهذه المنظومة السياسية تتغذى من السلطة الاجتماعية وهي المصدر الاساسي لولادة هذه المسوخ لهذا السبب عندما يلقى القبض على اللص او يطاح به او يتم فضحه يأتي لص اخر اكبر منه واكثر احترافية والسبب ان الرحم الاجتماعي والبيئة هي نفسها . الامريكان يتباهون ان الذي اسس دولتهم هو جورج واشنطن والروس يتفاخرون بمؤسس امبراطوريتهم بطرس الاكبر. اما نحن فقد اختارت لنا امريكا مجموعة من النبلاء والزهاد والرهبان والشرفاء ليكونوا امراء على هذه البلاد الغنية وهو مصدر ربح كبير للرأسمالية التي لا تفكر اطلاقا في الاخلاق . يخرج علينا نور زهير ليتحدث من خلال نزهة تلفزيونية عن النزاهة والاقتصاد الحر والشرف والقيم . كان مؤسسوا الدولة العراقية الاوائل يمتازون بالوعي والتجربة والرصانة والخبرة والرغبة في بناء دولة ومؤسسات وقد فعلوا . لماذا الاستغراب اليوم من ظهور هذا اللص او ذاك المتجسس والحال ان هذه الانتهازية اصبحت الان تصنع قوانين من خلال التدليس والوصولية والاعلام الفاسد . تعلمنا ان نصغي للبيانات والخطابات والشعارات والدعايات وننسى العاصفة وهبوب الريح لاننا لا نتوقف عند التفاصيل المهملة والمنسية . على الصيادين ان يتركوا البحر قبل العاصفة . اما الذين يعيشون على الامل الزائف ستكون صدمتهم اكبر
قلم: رياض الفرطوسي