مصطفى وغزيف
شكل اللقاء الأكاديمي الذي نظمه المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بأكادير بشراكة مع النادي الجهوي للصحافة، اليوم الجمعة، نموذجاً متميزاً للحوار البناء بين السلطة القضائية والجسم الصحفي، في مبادرة تعكس الوعي المتنامي بأهمية التكامل بين المؤسستين.
وتميزت الندوة، التي احتضنها مركز الاصطياف التابع لوزارة العدل بأكادير، بمستوى تنظيمي رفيع وحضور نوعي لنخبة من القضاة والإعلاميين، الذين أثروا النقاش حول موضوع “الممارسة الصحفية بين حرية التعبير والمسؤولية القانونية”.
وعكست المداخلات القيمة التي قدمها المشاركون، وعلى رأسهم الدكتور هشام الحسني، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بإنزكان ورئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بأكادير، عمق الفهم للعلاقة التكاملية بين القضاء والصحافة، وأهمية تعزيز جسور التواصل بين الطرفين.
وأثرى النقاش المهني الرفيع الأستاذ عصام منصف، المستشار بمحكمة الاستئناف بأكادير، بطرح إشكالية العلاقة بين واجب الإخبار واحترام الضوابط القانونية، من خلال “حدود تقاطع قانون الصحافة والنشر مع القانون الجنائي”، فيما قدم الدكتور نور الدين سعيدي، نائب وكيل الملك بإنزكان، مداخلة قيمة حول المسؤولية القانونية والجنائية في نشر الأخبار.
وفي السياق ذاته، أضفت مداخلات الأستاذ سعودي المالكي، رئيس نادي الصحافة المهنية، والدكتور الحبيب العسري، مدير مكتب الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بأكادير ، بعداً مهنياً عميقاً للنقاش، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها الثورة الرقمية على العمل الصحفي.
ويحسب للجهة المنظمة حسن اختيار الموضوع والمتدخلين، حيث جمعت الندوة بين الرؤية القانونية والممارسة الإعلامية، في تناغم يؤسس لعلاقة مهنية متوازنة تراعي حرية التعبير وتحترم ضوابط القانون.
وتميزت إدارة الندوة، التي تولتها الإعلامية فاطمة الزهراء الواحدي، بالاحترافية والقدرة على توجيه النقاش نحو القضايا الجوهرية التي تهم المهنيين في كلا القطاعين، ما أسهم في إغناء الحوار وتعميق النقاش.
وتعد هذه المبادرة النوعية نموذجاً يحتذى به في بناء علاقات مهنية متينة بين مختلف المؤسسات، كما تؤكد الدور الريادي للودادية الحسنية للقضاة والنادي الجهوي للصحافة في تعزيز الحوار المهني المسؤول.
ولعل أبرز ما ميز هذا اللقاء هو مخرجاته العملية وتوصياته الواقعية، التي تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون المثمر بين القضاء والصحافة، بما يخدم المصلحة العامة ويعزز دولة الحق والقانون.
وتشكل هذه المبادرة المتميزة لبنة أساسية في بناء جسور الثقة بين المؤسسات، وتؤكد أن الحوار المهني المسؤول هو السبيل الأمثل لتجاوز التحديات وتعزيز التعاون المؤسساتي البناء