قام بونيت تالوار، السفير الأمريكي بالمغرب، يوم امس الجمعة بالرباط، على اعطاء الإنطلاقة الرسمي لمنحة أمريكية بقيمة 2,5 ملايين دولار، مقدمة من مكتب وزارة الخارجية لمراقبة ومكافحة الاتجار بالبشر إلى المنظمة الدولية للهجرة، بشراكة مع منظمة العمل الدولية ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، والتي تهدف إلى مكافحة جريمة الاتجار بالبشر وحماية ضحاياها وإعادة تأهيلهم وإدماجهم اجتماعيا واقتصاديا.
اعتبارا لانضمام كل من الرباط وواشنطن إلى بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المُكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية، ستدعم الهيئات والوكالات الأممية سالفة الذكر، من خلال هذه المنحة الأمريكية، جهود المملكة المغربية في هذا الإطار، خاصة على مستوى بناء مراكز لمساعدة وإيواء ضحايا هذه الجريمة، في إطار تنزيل أهداف ومضامين الخطة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه وكذا آلية الإحالة الوطنية لضحايا هذه الجريمة.
بونيت تالوار، السفير الأمريكي بالمغرب، قال، في كلمة له بهذه المناسبة، إن “كل الدول معنية بمحاربة ظاهرة الاتجار بالبشر ومواكبة ومساعدة ضحايا هذه الجريمة وكذا تطوير مقاربات وقائية في هذا الجانب”، مؤكدا في الوقت ذاته أن “الولايات المتحدة الأمريكية حريصة على تعزيز الشراكات مع المنظمات الأممية والحكومات أيضا من أجل إنهاء الاتجار بالبشر مع إشراك فعاليات المجتمع المدني في هذه الجهود”.
وأوضح الدبلوماسي الأمريكي ذاته أن “المنح التي تقدمها بلاده موجهة بالأساس إلى مساعدة الحكومات في مواكبة وتعويض الضحايا والضرب بيد من حديد على المتورطين في مثل هذه الجرائم، إضافة إلى إقرار إجراءات حمائية في هذا الباب”، مشيدا في الوقت ذاته بالاستراتيجية المغربية في هذا الإطار بالتأكيد على أن “المملكة المغربية عملت على الحد من ظاهرة الاتجار بالبشر ومواجهتها من خلال تطوير مجموعة من الآليات لمساعدة الضحايا ومحاصرة المجرمين”.
من جهتها، قالت ناتالي فوستييه، منسقة الأمم المتحدة المقيمة في المغرب، إن “ظاهرة الاتجار البشر هي ظاهرة متعددة الأبعاد، حيث إن الملايين من الأشخاص يتم الاتجار فيهم عبر العالم، سواء كانوا أطفالا ونساء ورجالا؛ وبالتالي فنحن نسعى إلى حماية هذه الشرائح وتعزيز التعاون الدولي على هذا المستوى باعتبارها مدخلا مهما للحد من هذه الظاهرة”.
وأضافت المسؤولة الأممية ذاتها أن “المملكة المغربية وقّعت على بروتوكول منع ومعاقبة الاتجار بالبشر في عام 2011 ، لتعتمد بعدها مجموعة من المقتضيات التشريعية ذات الصلة بمكافحة وحماية ضحايا هذه الجريمة، قبل أن تقوم في سنة 2019 بإحداث اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه”.
وسجلت منسقة الأمم المتحدة المقيمة في المغرب أن “هذه الجهود أسفرت عن رصد ما لا يقل عن 474 ضحية وإيقاف أزيد من 720 متورطا. كما قامت الرباط بإطلاق الخطة الوطنية لمكافحة ومنع الاتجار بالبشر في المغرب 2023-2030، إضافة إلى افتتاح أول مركز حكومي لمساعدة ضحايا الاتجار بالبشر، في أبريل الماضي”، مؤكدة في الوقت ذاته التزام الهيئات الأممية بمواصلة دعم المملكة في هذه الجهود.
ن جانبه، وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول الضغوط التي تفرضها التحديات والتي تشهدها مجموعة من الدول الإفريقية على المغرب، خاصة على مستوى تنامي موجات الهجرة غير النظامية وأنشطة عصابات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، أوضح هشام ملاطي، مدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل الرئيس المشرف على اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، أن “المنطقة الإفريقية تشهد تحديات وتهديدات حقيقية سبق أن أشار إليها جلالة الملك محمد السادس، خاصة في إطار برامج التعاون المشترك جنوب-جنوب من خلال تهديدات عصابات الإجرام المنظم وفي مقدمته جريمة الاتجار بالبشر”.
أضاف ملاطي، الذي كان يتحدث لهسبريس، أن “المغرب يأخذ هذه التحديات بعين الاعتبار، وهناك برامج عمل مشتركة في هذا الإطار تروم تعزيز آليات التعاون والتنسيق القضائي الدولي مع بلدان القارة الإفريقية”، مشددا على أهمية التعاون بين هذه الدول وتبادل الخبرات والتجارب والممارسات الفضلى علاقة بهذا الموضوع.
وتفاعلا مع سؤال آخر حول ما إن كانت اللجنة الوطنية قد تدخلت في قضية اختطاف عشرات المغاربة في تايلاند، قال المتحدث ذاته إنه “غالبا ما نسمع عن مجموعة من القضايا التي يتم تغليفها أو تكييفها على أنها جريمة اتجار بالبشر وقد لا يكون لها أي ارتباط بهذه الجريمة”، مضيفا أن “اللجنة تضم في تركيبيتها مجموعة من القطاعات الحكومية والأمنية والقضائية، وأكيد أنه في مثل هذه الملفات يكون هناك تنسيق على مستوى القطاع المعني من أجل تبادل المعلومات والتنسيق في إطار الآليات القضائية والقانونية المعتمدة في هذا الصدد”.
أكد الرئيس المشرف على اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه أن “من اختصاصات هذه الأخيرة هي رصد المظاهر الجديدة للاتجار بالبشر؛ من خلال بعض الحالات التي تطرح بالنسبة لبعض المواطنين، مثل حالة المغاربة في تايلاند”. عن هيسبريس