مُني حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الجنوب إفريقي بهزيمة أفقدته أغلبيته المطلقة في البرلمان، إذ حصل في الانتخابات البرلمانية التي نظمت في نهاية ماي الماضي على 40,11 في المائة من مجموع الأصوات، وسيكون في حاجة إلى تشكيل ائتلاف للحفاظ على السلطة.
وبينما ترى العديد من الدول الحليفة لحزب “نيلسون مانديلا” في هذه النتائج انتكاسة وتهديداً لمصالحها، اعتبرتها صحيفة “لوموند” الفرنسية “فرصة” بالنسبة للمغرب، على اعتبار أن إضعاف الحزب المؤيد لجبهة البوليساريو الانفصالية يُضعف موقف “بريتوريا” من مغربية الصحراء ويعزز إمكانية دعم مقترح الحكم الذاتي في المستقبل.
ويرى عبد العالي بنلياس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، أن تراجع حجم ومكانة حزب المؤتمر الإفريقي عقب الانتخابات الأخيرة “لن يؤثر في استمراره في قيادة التحالف السياسي، ولا في موقف حكومة جنوب إفريقيا من قضية الصحراء المغربية، لأن السياسة الخارجية لدولة جنوب إفريقيا لم تكن موضوعا للنقاش والدعاية والبرامج الانتخابية
ومع ذلك، يضيف بنلياس في حديث لهسبريس، على الأحزاب السياسية الوطنية، الليبرالية واليسارية، أن تنسج في إطار الدبلوماسية الموازية علاقات وأن تعقد لقاءات مع الأحزاب الجنوب إفريقية لتوضيح حقيقة النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية، وتذكير الجيل الجديد من السياسيين في جنوب إفريقيا بالعلاقات التاريخية التي كانت تربط المغرب بحركة التحرر ضد الاستعمار والميز العنصري”، مشدّداً على أن “هذه الدبلوماسية الموازية يمكن أن تحقق اختراقات وبداية تململ في الموقف الجنوب إفريقي المعادي لقضية مغربية الصحراء”.
وبشأن اهتمام المغرب بالمتغيرات السياسية عقب الانتخابات الأخيرة، أكد الأستاذ الجامعي ذاته أن الدبلوماسية المغربية “تراقب عن كثب مختلف الأحداث والتحولات السياسية التي تعرفها القارة السمراء”، معتبراً متابعتها للعمليات الانتخابية في جنوب إفريقيا “جزءا لا يتجزأ من وظيفتها في رصد وتقييم التحولات المحتملة للخريطة السياسية بهذا البلد الذي له وزنه السياسي والاقتصادي والرمزي بإفريقيا”.
من جانبه، قال العباس الوردي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، إن تراجع حزب المؤتمر الوطني الإفريقي لجنوب إفريقيا، الداعم للبوليساريو، “فيه إشارة قوية إلى اندحار مجموعة من المعاقل التي ارتبطت تاريخيا بالكيان الانفصالي في الصحراء المغربية”، ويرجع الأمر، بحسبه، إلى “توجهات كبرى لهذه الدولة في إطار بناء تحالفات جديدة مع منتظم أو مكونات أخرى للمنتظم الدولي ارتضت أن تكبح جماح هذا التوجه السياسي، الذي عمر طويلا على مستوى الحكم بجنوب إفريقيا”.
وأضاف الوردي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “نتائج الانتخابات تبقى شأناً داخلياً للدول، والمغرب يحافظ دائما على مسافة الاحترام مع جنوب إفريقيا بتعيين مجموعة من المسؤولين الدبلوماسيين المحنكين، كان آخرهم يوسف العمراني”، قبل أن يعود ليؤكد أن هذا التغيير “ستكون له مجموعة من الإسقاطات لإعادة إحياء العلاقات المغربية الجنوب الإفريقية، وصد المناوئين للوحدة الترابية على المستوى الجنوب إفريقي، وربما أقول ستنتعش هذه العلاقة وتتجاوز هذه الصورة القاتمة من جانب واحد، أي بريتوريا تجاه الرباط، وبناء علاقات جديدة قوامها التعاون البناء المبني على أساس الربح المشترك”.
”.