أكد وزير النقل واللوجستيك جاهزية المكتب الوطني للسكك الحديدية للبدء في تنفيذ “مخطط مُديري استراتيجي في أفق 2040″، بهدف واضح هو “تغطية كافة التراب الوطني بالسكك الحديدية”، شدَّ انتباه العموم والمختصين الإعلانُ عن “إنجاز دراسات للجدوى حول الربط السككي مستقبَلا بين مدينتَيْ أكادير والعيون”.
هذا المستجد كُشِف على لسان المسؤول الحكومي ذاته، خلال إجابته عن أسئلة شفهية طرحها مستشارون في موضوع “توسعة الربط السككي”، يُقرّب “قطارات مكتب السكك” من شق طريق واضحة المعالم لتعزيز وتقوية البنيات التحتية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، التي شهدت “طفرة” تنموية غير خافية منذ 2015.
جدّية المشروع مستمدة من “إطلاق دراسة الجدوى المعلن عنها بغاية تحديد مسار الخط مع تقدير التكلفة الإجمالية المالية والتقنية التي قد يتطلّبها إنجاز المشروع”، فيما يتم حاليا “التركيز على إنجاز مشروع خط القطار فائق السرعة الذي سيربط القنيطرة بمراكش، قبل تمديده ضمن مرحلة ثانية ليصل إلى أكادير”، ومن ثمة إمكانية “ربط أكادير بالعيون”.
دينامية تنموية معزّزة”
تعليقاً على الموضوع وقراءة في رسائله التنموية الممكنة الموجهة إلى خصوم الوحدة الترابية، قال محمد سالم عبد الفتاح، باحث مختص في قضايا الصحراء، إنه “لا شك أن الربط السككي لكبرى حواضر الصحراء، مدينة العيون، بوسط وجنوب وسط المملكة، سيعزز دينامية تنموية تشهدها الصحراء المغربية؛ بحكم المشاريع الكبرى المتعلقة بالبنى التحتية التي تشهدها، كما سيزيد من جاذبيتها الاستثمارية، الأمر الذي سيصب في تعزيز الإدماج المهني والمؤسساتي لهذه الأقاليم”.
وبحسب رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح لهسبريس، فإن “الخطوة تفتح آفاقا تنموية واعدة تتعلق أساسا بخلق فرص الاستثمار وفرص التشغيل، ومعالجة الهشاشة الاجتماعية والرفع من المستوى المعيشي لقاطني هذه الأقاليم الجنوبية”، مذكرا بما “تشهده من نهضة تنموية تعززت أساسا منذ تدشين النموذج التنموي الخاص 2015، الذي أعلن عنه الملك محمد السادس بمدينة العيون، والذي شمل مشاريع كبرى، من ضمنها الخط السريع تزنيت–الداخلة وميناء الداخل الأطلسي ومحطات تحلية المياه، إضافة إلى مشاريع لإصلاح الأراضي الفلاحية وتثمين منتجات الصيد البحري، فضلا عن التهيئة الحضرية ومشاريع خدمات قطاعات التعليم والصحة”.
وزاد معلقاً: “الربط السككي سيعزز أيضا محورية ومركزية هذه الأقاليم، كما سيعزز موقعها ويقوّي إشعاعها الاقتصادي، لا سيما ضمن المبادرات التي أعلن عنها الملك، والتي تهم الجوار الإقليمي والعمق الإفريقي للمملكة، خاصة مبادرة الانفتاح وتمكين بلدان الساحل من الولوج إلى الواجهة الأطلسية”.
وأجمل الفاعل المدني المقيم بالعيون بأن “المبادرات التي تشمل تهيئة الساحل الأطلسي بالأقاليم الجنوبية وتعزيز الولوج إلى البنى التحتية، مع خطوة قرار إيصال السكك، تعزز الموقع الاستراتيجي، كونها هي بوابة المملكة في اتجاه الجوار مع العمق الإفريقي وفي اتجاه بلدان الساحل، باعتبار تنوع النشاط الاقتصادي في هذه الأقاليم الذي يشمل مناجم المعادن، خاصة الفوسفاط، ثم الصيد البحري والفلاحة وقطاع الرعي وأنشطة التجارة والسياحة”.
“رسائل ودلالات”
القراءة نفسها اعتمدها محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، معتبرا “الإعلان عن مدّ السكة الحديدية إلى مدينة العيون قراراً مغربيا استراتيجياً يدخل في المخطط الأساسي في إطار برنامج تنمية الأقاليم الجنوبية الذي كان قد أطلق بـ 8 مليارات دولار”.
وبعد خط الطريق السريع بين تيزنت والداخلة، إلى جانب تجهيزات البنية التحتية التي عمل عليها المغرب منذ 2016 بالصحراء المغربية، أكد نشطاوي، في حديث لهسبريس، أن “السكة الحديدية بين العيون وأكادير تتيح مزيدا من الانخراط في تنمية شاملة”، كما تضع “لبنة أساسية من لبنات مشاريع كبرى، إذا تم تحقيقها وفق الآجال والمخطَّط لها ستعطي انطلاقة نوعية لكبريات حواضر الصحراء”.
“هي أيضاً رسالة إلى البلدان الإفريقية تؤكد أن الرباط ماضية في تعزيز وتقوية منصتها اللوجستية للاستثمار المرتبطة بميناء الداخلة ومشاريع في العيون وغيرها من أقاليم الصحراء”، يرصد الخبير في العلاقات الدولية، مؤكدا أنها “رسالة قوية مفادُها أن المغرب ماضٍ في مسلسله التنموي ولا يهمّه اللغط الذي تُحدثه الجزائر وانفصاليو ميليشيات البوليساريو من تندوف”.
وأجمل نشطاوي بأن “المغرب سائر نحو تنزيل خطة شاملة للتنمية محاطة برعاية ملكية دقيقة نظرا لحساسيتها وتتبّع المشاريع الاستراتيجية المتضمنة فيها، بشكل يضمن إدماج الأقاليم الجنوبية في التنمية الشاملة وزيادة الزخم الاقتصادي والاستثماري والتنموي لهذه الأقاليم العزيزة على المغاربة”. عن هيسبريس