مع انتهاء كل فترة تكوينية، يتضح جليا أن المملكة باتت بالفعل مركزا لتكوين عدد من القيادات العسكرية على المستوى الإفريقي والدولي، إذ ظهر مؤخرا مدى نجاح مؤسسات التكوين العسكري بالمملكة في استقطاب وفود طلابية أجنبية بحثا عن تكوين في المستوى يلبي احتياجات الدول التي تمثلها.
وتخرج خلال الأسبوع الجاري من الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس ما يصل إلى 28 فردا من التلاميذ الضباط الذين يمثلون دولا أجنبية صديقة للمملكة، وذلك بمناسبة تخرج تلاميذ ضباط الفوج الـ98 للسلك العادي والفوج الـ17 للفوج الخاص، إذ بلغ إجمالي عدد المتخرجين 820 خريجا تمكنوا من استكمال فترة التكوين الخاصة بهم بالمنشأة العسكرية ذاتها.
ويتأكد جليا الدور الهام للأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس في تخريج عدد من القيادات الأجنبية عند مطالعة السيرة الأكاديمية لعدد من القيادات التي تتربع على رأس مؤسسات عسكرية وإستراتيجية بدول صديقة للمملكة، خصوصا بالقارة الإفريقية، بما فيها النيجر والغابون اللتين استفادت نسبة من نخبتهما العسكرية من التكوين بالمملكة، ما يؤهلها لتقاسم خبراتها والمساهمة في التأسيس لجهاز عسكري وطني قوي.
ثقة في المملكة
محمد عصام العروسي، مدير مركز منظورات للدراسات الجيو-سياسية والإستراتيجية، أفاد بأن “استقطاب مؤسسات التكوين العسكري بالمغرب الوفود الطلابية الأجنبية أمر مهم جدا، باعتباره يدل أساسا على مدى الثقة التي تحظى بها المؤسسة العسكرية المغربية بقيادة الملك محمد السادس لدى الدول الإفريقية والأجنبية؛ ما يرجع أساسا إلى متانة العمق التاريخي والدستوري لهذه المؤسسة التي تقوم بأدوار أساسية”.
وأضاف العروسي، مُصرّحا لهسبريس، أن “هذا الأمر راجع كذلك إلى منسوب السمعة التي تحظى بها المؤسسة العسكرية الوطنية على المستوى القاري والدولي في حل الأزمات وحفظ السلام، في وقت يظل التكوين في حد ذاته في مستويات جيدة، لكون الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس على سبيل المثال تتوفر على رصيد خِبرَاتي مهم، بالنظر إلى اعتمادها منذ وقت سابق على طرق معمقة في التكوين”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “الطلبة الوافدين على المملكة لطلب التكوين العسكري يعودون إلى بلدانهم محملين بمعارف أساسية في الخدمة العسكرية، نظير تكوُّنهم على يد أطر مشهود بكفاءتها على المستوى الإقليمي وكذا الدولي”، موضحا أن “هذه العوامل تدفع دول المنطقة إلى الثقة في المملكة ودفع طلبتها إلى طلب التكوين العسكري بها، نظرا لجودته المشهود لها”.
وزاد المحلل نفسه: “من النقاط الإيجابية في هذا الصدد أن المغرب يتمكن من تكوين نخب موالية له، خصوصا على المستوى الإفريقي، إذ إن طلاب اليوم هم قياديو الغد، وهم الذين سيتربعون على عرش المؤسسات الإستراتيجية ببلدانهم، بما يسمح باستدامة العلاقات، في وقت يؤكد الحاضر ذلك بعد توفر عدد من الأمثلة، بما فيها الرئيس الانتقالي بالغابون الذي تخرج من الأكاديمية العسكرية بمكناس”.
الجودة تبرر الإقبال
محمد شقير، باحث في الشؤون الأمنية، كشف أن “الأكاديمية العسكرية بمكناس تستمد ركائزها من المنظومة العسكرية الفرنسية، إذ أُسست في زمن ليوطي؛ فيما التجربة الفرنسية في التكوين العسكري معروفة بدقتها وبحسن تكوينها للأطر العسكرية على مدى أزمنة متواصلة”.
وكشف شقير، مصرحا لهسبريٍس، أن “اختيار المغرب وتبنيه ركائز هذه المنظومة أدى بطبيعة الحال إلى تجويد التكوين العسكري به، خصوصا على مستوى الأكاديمية العسكرية بمكناس، التي مازالت معروفة بأنها مشتل عدد من القيادات العسكرية التي كانت ومازالت متربعة على رأس مؤسسات إستراتيجية وأمنية بدول إفريقية، بما فيها موريتانيا والنيجر والغابون”.
وتابع المتحدث ذاته: “التكوين العسكري بالمغرب بات ذا سمعة على المستوى الإقليمي والدولي، خصوصا مع استحضار كون المجموعة التي تخرجت مؤخرا، وأشرف على تخرجها ولي العهد، تضم بالإضافة إلى أطر إفريقية أطرا أمريكية وفرنسية، بما يجسد جودة التكوين بالمغرب على هذا المستوى”، مرجعا هذه الجودة إلى “جودة المؤطرين المتواجدين بالمغرب وطبيعة الدروس والمهارات التي يتم تلقينها للطلبة الذين يكونون ملزمين بالانضباط في الأساس”. عن هسبريس