ركزت دراسة أكاديمية حديثة بالتفصيل عند أهمية العقار السلالي (الأراضي السلالية) بالمملكة ضمن مختلف الأنظمة العقارية الأخرى وضرورة التوجه نحو استغلال الفرص التي يوفرها من أجل تحقيق التنمية الترابية وضمان نتائج إيجابية لفائدة ذوي الحقوق اقتصاديا واجتماعيا.
ويفرض هذا الملف نفسه، اليوم، بقوة بعدد من جهات المملكة. وسجلت الدراسة المنشورة ضمن عدد شهر يونيو من “مجلة العلوم السياسية والقانون” أن الأراضي السلالية بالمملكة تصل مساحتها إلى 15 مليون هكتار، بما يمثل 41,6 في المائة من إجمالي العقار الوطني، غير أن ذلك لم يكن ليجعله بمنأى عن الإكراهات التي لا يزال يعرفها.
وبينت الوثيقة ذاتها، مستحضرة بعض الأرقام الصادرة سابقا عن وزارة الداخلية، أن 76 في المائة من العقار السلالي بالمملكة تستغل في الأنشطة الرعوية، تليها 14 في المائة تستغل كأراض فلاحية بورية، في حين لا تتعدى الأراضي الغابوية منها 1 في المائة، مبرزة أن “عدد الجماعات السلالية يصل إلى 4563 جماعة تضم 7812 نائبا و10 ملايين من ذوي الحقوق”.
أكد المصدر ذاته على “ضرورة التفكير في إيجاد حلول متطورة من شأنها الحد من الاستغلال العشوائي وغير المعقلن لهذه الأراضي، ووضع استراتيجية دقيقة ومتطورة تستجيب للمتطلبات التنموية بما يجعل هذا الرصيد العقاري رافعة للتنمية بالبلاد، وهو ما سيتأتى من خلال إعادة النظر في المنظومة القانونية المؤطرة لهذه الأراضي”.
وذكرت الدراسة المعنونة بـ”العقار السلالي بين الإشكالات القانونية ومتطلبات التنمية الترابية” أن الملك محمد السادس “دعا في إحدى خطبه لسنة 2018 إلى تعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية قصد إنجاز المشاريع الاستثمارية في المجال الفلاحي بما سيشكل رافعة قوية لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي لذوي الحقوق”.
كما أبرزت أن “التعديلات القانونية التي شهدها القانون المتعلق بالعقار السلالي تمثل خطوة مهمة نحو حل الإشكاليات التي طالما أعاقت استغلال هذه الأراضي بفعالية، غير أن النجاح الحقيقي يتطلب تحقيق رؤية شاملة تسهم في تنمية هذه الأراضي بما يخدم الأهداف التنموية للمملكة، حيث من المهم جدا فتح هذا الوعاء العقاري أمام استغلاله في مشاريع تنموية مستدامة تتعلق بالفلاحة المعاصرة والسياحة البيئية ومشاريع الطاقة المتجددة”.
وحسب الإحصائيات التي تمت الاستعانة بها والصادرة عن “أم الوزارات”، فإن 48,55 هكتارا من هذه العقارات تم تفويتها لإنشاء تجهيزات جماعية، فيما فُوّتت 208,44 هكتارات لغرض إقامة منشآت سكنية وسياحية، بينما كان النصيب الأكبر لصالح مشاريع الطاقة والصناعة بما يصل إلى 940,65 هكتارا، وفقا لإحصائيات تخص سنة 2018.
كما ثمنت الدراسة، التي قام بها باحثان بجامعة محمد الخامس بالرباط، “فتح إمكانية تفويت هذه الأراضي من أجل الاستثمار لفائدة الفاعلين العموميين والخواص بعد أن كانت في إطار النظام السابق الذي تخضع له غير قابلة للتفويت إلا لفائدة الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والجماعات السلالية الأخرى، وهو ما جاء في نص ظهير 27 أبريل 1919 المتعلق بتدبير الأملاك الجماعية”.
وشددت على “أهمية الأراضي السلالية كمصدر مهم لجذب الاستثمارات وتركُّز المشاريع التنموية بفعل مساحتها الإجمالية الهامة ومواقعها الجيدة، خصوصا مع كون القانون رقم 62.17 الخاص بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها نص على إمكانية استعمال الموارد المالية لهذه الجماعات لتمويل وإنجاز مشاريع تنموية واجتماعية، سواء بشكل مباشر أو في إطار اتفاقية شراكة”.
المرجع ذاته لفت إلى وجود تفاوت في توزيع الأراضي السلالية بالمملكة، حيث تأتي في المرتبة الأولى جهتا درعة تافيلالت وفاس مكناس، متبوعة بجهات الرباط سلا القنيطرة، وبني ملال خنيفرة، والدار البيضاء سطات. كما أشار إلى وجود تفاوت كذلك بين الأقاليم، حيث يستحوذ إقليم ورزازات على 95 في المائة من العقار السلالي على مستوى “الجهة الثامنة”. عن هيسبريس