يتواجد مجموعة من رجال الأعمال الذين يتنافسون بأموالهم لاحتلال مراكز متقدمة ضمن لائحة أغنى أغنياء القارة. رغم أن أفريقيا تعتبر القارة الأفقر في العالم
وعلى مدى سنوات عملهم راكم أثرياء أفريقيا ثروات هائلة وأسسوا مصانع وشركات عملاقة وأوجدوا نماذج نجاح غير تقليدية، بعضهم حقق نجاحا استثنائيا وأصبح بفضل ثقل مؤسساته المالية يتحكم في قطاعات اقتصادية مهمة وآخرون تجاوزت ثرواتهم ميزانية دول أفريقية بكامل سكانها.
أفريقيا قارة الفرص العديدة والإمكانيات الكبيرة والموارد الهائلة، لكن ينخرها الفساد والبيروقراطية وسوء الإدارة ما يؤثر على جو الاستثمار وتنامي الثروات بها.
ومر المليارديرات في رحلتهم نحو تكوين الثروة بظروف معاكسة وتوترات جيوسياسية إقليمية ومشاكل ارتفاع التضخم وتدهور الأوضاع التمويلية في الأسواق وانخفاض قيمة العملات المحلية في القارة السمراء.
ملك السلع الفاخرة الأغنى بأفريقيا
على رأس قائمة أغنى أغنياء أفريقيا نجد الملياردير الجنوب أفريقي يوهان روبرت الذي تفوق على رجل الصناعة النيجيري أليكو دانغوت وأزاحه مؤخرا عن قمة اللائحة كأغنى شخص في أفريقيا.
ووفقا لأحدث بيانات مؤشر بلومبرغ للمليارديرات فقد ارتفع صافي ثروة يوهان بمقدار 1.9 مليار دولار لتصل إلى 14.3 مليار دولار، مما وضعه في المرتبة 147 في العالم، متقدماً بـ 12 مركزاً على دانغوت الذي انخفضت ثروته بمقدار 1.7 مليار دولار هذا العام، ليبلغ صافي ثروته 13.4 مليار دولار.
ويفسر الخبراء الارتفاع في صافي ثروة روبرت بالأداء القوي لشركاته في قطاع السلع الفاخرة، فالى جانب شركة “ريشمانت” وهي إحدى أكبر شركات السلع الفاخرة في العالم يقع مقرها الرئيسي في سويسرا وتمتلك علامات تجارية مثل كارتيي ومونت بلاك، فإن روبرت يمتلك أيضًا شركة “رومكرو” الاستثمارية في جنوب أفريقيا والتي تملك حصصًا في أكثر من 30 شركة.
وتعود أصول ثروة يوهان روبرت لعائلته حيث أنه ورث شركة العائلة عن والده، أنطون روبرت، وقام بتطويرها لتصبح شركة سلع فاخرة بمليارات الدولارات. درس روبرت الاقتصاد في جامعة ستيلينبوش وهي اقدم جامعات جنوب أفريقيا، لكنه ترك الدراسة للانضمام إلى أعمال والده في عام 1984.
ملك الأسمنت
أما رجل الأعمال النيجيري أليكو دانغوتي الذي حل ثانيا بالقائمة فيرجع الخبراء تراجع ثروته إلى البيئة الاقتصادية الصعبة في نيجيريا، حيث تعمل مجموعته بشكل رئيسي، فمنذ تولى الرئيس بولا تينوبو منصبه أدخل العديد من الإصلاحات الاقتصادية في الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في أفريقيا، بما في ذلك إلغاء دعم الوقود، الذي ساهم في ارتفاع التضخم، الذي يتجاوز حاليا 30%.
ويرى الخبراء أن دانغوتي الذي يوصف بأنه ملك الأسمنت في أفريقيا والذي احتفظ بلقب أغنى رجل في القارة لأكثر من عقد من الزمن، فقد رتبته على قائمة أغنى أغنياء أفريقيا ليس بسبب أخطاء في عمله أو استثمارات فاشلة بل بسبب انخفاض قيمة العملة النيجرية “النايرا” مقابل الدولار، حيث أن الانخفاض الحاد في قيمة “النايرا” أثر بشكل كبير على دانغوتي الذي ترتبط ثروته إلى حد كبير بالأصول المقوّمة بالعملة المحلية.
وانخفض سعر صرف العملة المحلية من 882 نيرة مقابل دولار واحد في نهاية ديسمبر 2023 إلى 1661 نيرة مقابل دولار واحد في أغسطس الماضي، وهو انخفاض بأكثر من 88.21%، مما أثر سلبًا على قيمة ثروة أليكو دانغوت بالدولار الأميركي.
وجمع دانجوتي البالغ من العمر 66 عامًا ثروته من صناعتي الأسمنت والسكر وافتتح العام الماضي مصفاة لتكرير النفط في لاغوس المركز الاقتصادي لنيجيريا، وحسب مؤشرات عدة فان إمبراطوريته التجارية تعاني من انتكاسات عديدة في الأشهر الأخيرة بسبب تأخير الإنتاج في المصفاة وتعطل سلسلة التوريد.
وكان دانغوتي إلى وقت قريب (في شهر يناير الماضي) يتربع على عرش لائحة أغنى أغنياء أفريقيا للعام الثالث عشر على التوالي، على الرغم من المشاكل الاقتصادية التي عانت منها بلاده، لكن انخفاض قيمة العملة المحلية مؤخرا أثر على تصدره القائمة.
ومع ذلك، يبدو أن هناك عدة عوامل تشير إلى أن رجل الأعمال النيجيري سيعود قريبًا إلى صدارة اللائحة منها تطور شركاته والارتفاع الكبير في سعر أسمنت شركته وهي الأكبر في القارة تملك فروعا في عشر دول أفريقية، وتبلغ طاقتها الإنتاجية السنوية حوالي 50 مليون طن.
يحل في المرتبة الثالثة ملياردير آخر من جنوب أفريقيا هو نيكي أوبنهايمر، بثروة صافية قدرها 11.3 مليار دولار.
ورث أوبنهايمر ثروة طائلة من عائلته التي أسست شركة دي بيرز للتعدين في عام 1917، ولازالت إلى اليوم واحدة من أكبر شركات استخراج الألماس في العالم.
لكن في عام 2012 باع أوبنهايمر أسهمه في شركة تعدين وتجارة الألماس مقابل 5.1 مليار دولار (40% من أسهم شركة دي بيرز). وبالإضافة إلى نجاحاته في ريادة الأعمال، يمتلك نيكي أوبنهايمر أراضي مصنفة كمحميات طبيعية في جنوب أفريقيا وبوتسوانا وزيمبابوي، تبلغ مساحتها الإجمالية 187 ألف هكتار.
في المرتبة الرابعة جاء المصري ناصف ساويرس، بثروة صافية قدرها 9.48 مليار دولار، وهو رئيس مجموعة أوراسكوم كونستراكشون إحدى الشركات المتخصصة في الهندسة والانشاءات.
وناصف هو أصغر أبناء عائلة ساويرس، جمع ثروته من استثمارات ناجحة في قطاعات البناء والإنشاءات وصناعة الأسمنت والاتصالات، ويمتلك ساويرس حصة في شركة الملابس الرياضية العالمية “أديداس”، كما أنه مساهم في مجموعة ماديسون سكوير غاردن سبورتس كورب.
وفي المرتبة الخامسة يبرز رجل آخر من جنوب أفريقيا هو المستثمر ناثان كيرش بثروة قدرها 9.22 مليار دولار.
بدأ كيرش مسيرته المهنية في مجال ريادة الأعمال ببيع الحبوب في كيب تاون بجنوب افريقيا، وتخصص في تجارة الذرة في بداية الستينيات، ثم هاجر بعدها إلى الولايات المتحدة الأميركية وقام بتنويع أنشطته، وأنشأ مستودعات متخصصة في مبيعات الجملة، تستهدف محترفي البقالة والمطاعم، وفي ظرف وجيز تحولت المشاريع الصغيرة إلى شركات توزيع عملاقة.
ورغم المصاعب التي تواجه الاقتصاد بالدول الأفريقية يواصل المليارديرات الأفارقة المنافسة على صدارة هذه القائمة، حيث تمكنت مشاريعهم من إثبات قدرتها على البقاء والاستفادة من مزايا أفريقيا أرض الفرص الخصبة التي يبحث عنها رواد الأعمال.