كشفت مصارد مطلعة عن تفجر فضيحة داخل وزارة التجهيز والماء، بعد اكتشاف تلاعبات وغش في إنجاز الطريق السريع الرابط بين مدينتي تيزنيت والداخلة، تسببت في تبديد واختلاس أموال عمومية، ما يستدعي إجراء افتحاص من طرف قضاة المجلس الأعلى للحسابات، وفتح تحقيق حول الموضوع وترتيب المسؤوليات عن ذلك.
ووفق موقع اخبار بريس الذي اورد الخبر، فقد أكدت المصادر أن صفقة إنجاز الطريق السريع بين تيزنيت والداخلة عرفت مجموعة من الاختلالات والتلاعبات تسببت في تبديد واختلاس أموال عمومية. وأفادت المصادر بأن المديرية المؤقتة لتهيئة الطريق الوطنية رقم 1 التابعة للوزارة، اكتشفت هذه التلاعبات وقامت بتوجيه مراسلتين إلى وزير التجهيز والماء، نزار بركة، الأولى بتاريخ 24 فبراير 2023 والثانية بتاريخ بتاريخ 26 أبريل الماضي، مفادهما أن مكتب الهندسة الطبوغرافية قدم وصادق على كميات للتتريبات (qualités de terrassements & remblais)، من أجل احتسابها في جدول المنجزات، تفوق بكثير الكميات المنجزة فعلا من طرف المقاولة صاحبة صفقة الأشغال، وهي في ملكية عائلة سياسية معروفة بالجهة الشرقية.
وحسب وثائق رسمية صادرة عن الوزارة، تتوفر عليها «الأخبار»، ترتب عن هذه التلاعبات أداء مبالغ غير مستحقة لهذه المقاولة، وبناء عليه وجهت المديرية المؤقتة لتهيئة الطريق الوطنية الرابطة بين تيزنيت والداخلة، مراسلة إلى مكتب الهندسة الطبوغرافية، بتاريخ 17 فبراير 2023، من أجل تقديم توضيحات بخصوص هذه التلاعبات والاختلالات التي تسببت في اختلاس وتبديد أموال عمومية من طرف المقاولة نائلة الصفقة، وهو ما أقر به مكتب الهندسة الطبوغرافية في جوابه عن مراسلة المديرية، بتاريخ 20 فبراير 2023، واعتبر ذلك خطأ في التقديرات واحتساب كميات الأشغال.
وأكدت المصادر أنه، بناء على هذه المراسلات، أصدر وزير التجهيز والماء، نزار بركة، يوم 28 أكتوبر الماضي، قرارا يقضي بإقصاء مكتب الهندسة الطبوغرافية من المشاركة في صفقات الوزارة لمدة خمس سنوات، وذلك بعدما وجه الوزير طلبا إلى اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية التابعة للأمانة العامة للحكومة، بتاريخ 3 يوليوز الماضي، حول اتخاذ قرار الإقصاء المؤقت لمكتب الهندسة من المشاركة في الصفقات العمومية المعلن عنها من طرف مصالح صندوق تمويل الطرق، وأصدرت اللجنة، بتاريخ 19 شتنبر الماضي، رأيا اعتبرت من خلاله أن المقرر المزمع اتخاذه تتوفر فيه الشروط الشكلية المنصوص عليها ويحترم المسطرة الواجب اتباعها مع ضرورة احترام مبدأ تناسب الجزاء مع الفعل المرتكب.
وأفادت مصادر من الوزارة بأن نزار بركة لم يتخذ أي إجراء في حق المقاولة صاحبة الصفقة، باعتبارها الجهة المستفيدة من التلاعبات التي وقعت، وتمت التضحية بالمهندس الطبوغرافي الذي وصفته المصادر بأنه «كبش فداء للتغطية على الفضيحة». وأكدت المصادر ذاتها أن هذه التلاعبات تقع في جل صفقات الطرق على الصعيد الوطني، ويترتب عنها تبديد الملايير من المال العام سنويا دون حسيب ولا رقيب. وكشفت المصادر أن هذه الفضيحة تفجرت سنة 2022، وذلك بعلم مسؤولين بالوزارة، مخافة التأثير على سير الأشغال، ولم يتم اتخاذ قرار معاقبة المهندس الطبوغرافي إلا في نهاية شهر أكتوبر الماضي.
وحسب معطيات حصلت عليها الجريدة، تمت معاقبة المهندس الطبوغرافي للتغطية على المتورطين الآخرين في هذه الفضيحة، وضمنهم مسؤولون ومهندسون بالوزارة والمديرية التي تشرف على إنجاز الطريق، وكذلك صاحب المقاولة التي نالت الصفقة ومكتب الدراسات المكلف بتتبع الأشغال. وأوضحت المصادر أن كميات الأشغال وجدول المنجزات يصادق عليها صاحب المقاولة ثم المسؤول عن المراقبة الطبوغرافية الداخلية، ومكتب الدراسات المكلف بتتبع الأشغال، ثم المهندس الطبوغرافي، وبعده يوقع موظفان تابعان لوزارة التجهيز، وهما التقني والمهندس المدني، وبعد ذلك يتم إعداد شهادة الأداء لفائدة المقاولة (décompte)، على أساس الاتفاق الموقع بين المقاولة والوزارة وصاحب المشروع.