بقلم : عبدالله ولد إبراهيم ولد محمد محمود حافيظي السباعي الادريسي
عندما حللت يومه الاحد 14 أبريل 2024 بمدينة تزنيت مع صلاة الظهر، توجهت كعادتي إلى مقبرة سيدي بوجبارة للترحم على والدتي فأنا لا أرتاح إلا إذا زرتها وترحمت عليها وناجيتها، لأنني احس أنها تسمعني وتبادلني نفس شعوري نحوها …
مع الأسف الشديد وجدت باب المقبرة مغلقا فكل مقابر مدينة تزنيت تغلق ولا تفتح إلا يوم الجمعة، وهذه العادة سيئة للغاية لأن إغلاق المقبرة يحرم الزائر من الوقوف على قبر قريبه أو قربائهً … كان على القائمين على مقابر المدينة أن يتركوا باب المقبرة مفتوحا طيلة النهار على الأقل، وتعيين حراس على المقابر ولو من ميزانية الانعاش الوطني فذلك لن يضر الدولة في شىء ،،، وكما وقع أثناء زيارة والدتي في مقبرةً سيدي بوجبارة وقع عندما زرت والدي إبراهيم ولد محمد محمود السباعي في مقبرة سيدي عبدالرحمن التي وجدتها أيضاً مغلقة، مسؤولين احياء يحرمون أسراً من زيارة موتاهم ولا يسمحون بها إلا يوم الجمعة … فإذا كنت في تزنيت فلا تستغرب … وللناس فيما يفعلون متالب …
اكتفيت بقراءة 11 من سورة الفاتحة والمعوذتين وآية الكرسي وجزءا من سورة ياسين، ووهبت كل ذلك هدية لروح رسول الله صلى الله عليه وسلم وروح والدتي فاطمتو بنت محمد فاضل ولد سالم ولد بابو ووالدتها زينة البعقيلية بنت المقدم علي، وكذلك ترحمت على من يرقد إلى جانب والدتي ابن خالي حسن ولد محمد الامين ولد بابو ووالدته عائشة بنت الطاهر وعلى ابن شقيقي ياسير ولد احمد حافيظي ووالدته فاطمة بنت محمد الامين الملقبة ببوها وترحمت على كافة المدفونين في هذه المقبرة، وأن يرحم الجميع رحمة واسعة ويسكنهم فسيح جناته …
نفس الشيء قمت به قرب مقبرة سيدي عبدالرحمن التي يرقد بها والدي أبراهيم ولد محمد محمود السباعي و والدته فاطمة بنت سي على بن أمحمد الجراري المعروفة بشطومة علي الجرارية وعلى جدتي من والدتي زينة البعقيلية التي كانت تطلب منا دفنا بعيدا عن زوج ابنتها إبراهيم ولد محمد محمود، وقد جمعهما القدر المحتوم في مقبرة واحدة لكن قبرها بعيد شيئنا عن قبره …
هذا ما استطيع القيام به كلما حللت بهذه المدينة العزيزة علي، مدينة الصبا والشباب والدراسة والذكريات الجميلة مدينة تزنيت السلطان مولاي الحسن الاول …
جعلني الله من الولد الصالح الذي يدعو لوالديه بالرحمة والمغفرة بعد أن يتولوا … مصداقا للحديث الشريف :،إذا مات بني ادمً انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو عمل ينتفع به أو ولد صالح يدعو له أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم…
احسنت وزارة الاوقاف التي أقدمت مؤخرا على بناء مسجد بمقبرة سيدي بوجبارة قرب قبر والدتي يسمع فيه الآذان يوميا، ويتلى فيه كتاب الله اناء الليل وأطراف النهار، وهذا من علامات سعاة والدتي لأن المسجد لم يشرع في بنائه إلا بعد أن حلت ضيفة مقبولة على مقبرة سيدي بوجبارة ، كما قامت الجماعة مشكورة على تسطيح الساحة المجاورة للمقبرة مما اعطى لمدخل المقبرة رونقا وجمالا …
لا أتمالك عن البكاء وأنا أناجي والدتي ووالدي، فلي اليقين أنهما يسمعان ما أقوله لهما … والدتي قبل وفاتها سنة 2017، كانت تستقبلني بالأحظان في مقر زاويتنا بحي إد ضلحا قرب باب اولاد جرار بمدينة تزنيت، كانت تقول لي عبدو ولا كبدو ولا ترتاح إلا إذا جلست قربها وأعطيتها أخباري وأخبار كل أفراد الأسرة ، حتى خلال اصابتها بمرض الخرف اللعين كانت تعرفني من أول وهلة … واليوم ها أنا أناجي طيفها وكأنها قربي تسمعني ولا ينقصني إلا سماع كلامها والرد على أسئلتها …
قلت لها يا والدتي العزيزة لقد ترك غيابك عنا فراغا لم يستطع أي واحد ملئه، رغم محاولة شقيقتنا الحاجة الساخية ملئه وهو ما يخفف علي بعض الام الفراق … خلال حياتك يا والدتي العزيزة كنا نلتقي عندك في منزل العائلة بتزنيت، وكان بقاؤك رغم مرضك المزمن يجعل كل اخواتي واخواتي وكل افراد العائلة يحترم بقائك تاجا على رؤوسنا، وبمجرد انتقالك إلى رحمة الله ذهب كل واحد إلى حال سبيله ونحن الان لا نلتقي إلا عند الضرورة القصوى، وخاصة بمناسبة حزن على فقد قريب، أما الأفراح فإنها أصبحت قليلة نسبيا … بدل أن نفكر يا والدتي في جمع الشمل واتخاذ منزل الاسرة مقرا مباركا للقآتنا والترحم عليك وعلى والدنا أصبح البعض يفكر في نصيبه من الإرث وكل شيء يمكن أن يطلبه الأبناء إلا تشتيث وبيع المنزل الرئيسي للأسرة، لكن كل واحد له عقليته وتوجهاته …
لكن يا والدتي العزيزة ارتاحي في قبرك وبرزخك، فأنا اعود بالله من قول أنا، لن أسمح ما حييت أن يدخل إلى منزل اسرتنا أي أجنبي، وأن هذا المنزل سيبقى أحب من أحب وكره من كره، زاوية لأسرة إبراهيم ولد محمد محمود السباعي، ووصيتي لكل أبنائي وأخواني واخواتي، أن نعض على هذه الزاوية المباركة بالنواجذ، وأن نجعلها مركزا دائما للترحم على والدينا وعلينا نحن إذا صرنا مثلهم ومن بدل او غير فالله حاسبه … ونصيحتي لاخواني واخواتي وأبنائي وبناتي سواء بقينا على وجه البسيطة او انتقلنا إلى الرفيق الاعلى ان يحافظوا على هذه الزاوية في مدينة تزنيت وزاويتي في مدينة الرباط وان لا يسمحوا ببيع اية واحدة والحافظ عليهما لان التفريط فيهما تفريط في. كرامتنا وهويتنا ونسبنا الشريف والحفاظ على اللقاء فيهما للترحم فيهما على آبائنا وأجدادنا وعلينا إذا صرنا مثلهم كما سيترحمون عليهم إذا صاروا مثلنا … وكما قال جدنا سيدنا علي كرم الله وجهه :
الموت باب كل الناس داخله
فيا ليت شعري بعد الباب ما الدار ؟
الدار دار نعيم وان خالفت فالنار
هما محلان ما للمرء غيرهما
فاختر لنفسك اي الدارين تختار
اننا ولدنا لزمان غير زماننا، فأبناؤنا كل واحد له عقلية خاصة واصبح من واجبنا نحن الاباء طاعة الابناء، حتى لا نستظم معهم واصبح نصحنا لهم بمتابة سب في حقهم اصبحنا نخاف من نصحهم ومناقشتهم وجلهم لم سمع بالآية الكريمة ؛
﴿ ۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا صدق الله العظيم
عندنا تنصح احد أبنائك او بناتك اليوم يقولون لك انك متاخر ولا تساير الزمن …
أما انت يا والدي فنم قرير العين فكل أبنائك وبناتك في أحسن حال … طريق ايت الرخاء الذي كان آخر وصية لكم لي انتهى وانجز على احسن وجه، وأصبح طريقا محوريا إلى أقاليمنا الصحراوية المسترجعةً، وإلى جهة تافرارت وأصبحت قبيلة ايت الرخاء التي تحبها وتعزها يا والدي العزيز هي قطب الرحى في المنطقة برمتها …
إنني أعرف تمام المعرفة أن روحيكما الطاهرتين تراقبنا تفرحان إذا قمنا بأعمال تسركما وتحزنان لأي عمل ينغص راحتكم لا قدر الله … وفقنا الله نحن الإناء إلى فعل الخير ونيل المكرمات وإسعاد والدينا في الدنيا والآخرة، وأبعد عنا الشيطان حتى لا نقوم إلا بما يسعدكم وينال رضاكم …
تغمدكما الله بواسع رحمته وأسكنكما فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا، ومتعنا برضاكما ورزقنا الصحة والعافية وحسن الخاتمة …
وحرر بتزنيت مدينة السلطان مولاي الحسن الاول مساء يوم الاحد 14 أبريل 2024